أبــــي
سعيد
العَلمي
أبي أحُـبـُّكَ والأعـْوامُ ماضِيَة ٌ
وأحِبُّ
وجْهـاً فيهِ كلُّ حياتي
فيه الطـُّفولة ُ كَالنـّعـيـمِ ظـِلالـُهـا
إن هَلّ رغمَ الوَهْـنِ في النـّـظراتِ
عَـيـْـناكَ كانتْ شُعْـلـَتي وبـَصيرتي
إذْ كنتُ وَهْـنا ً
أسـتَهـِلُّ صِـراطـي
إذا ابـْـتـَسمْتَ أبي تـَهـِـلُّ طـُفولتي
وإذا عَـبـَسْتَ
تـَجَـرّحَتْ قـُـرُحاتـي
قد كنتُ في زمن بعيدٍ يافعاً
وسَمَوْتَ بي،
بـَطـَلاً يـُعَـمِّرُ ذاتي
والآنَ إذْ غَـدَتِ الكُـهـولـَة ُ مَلـْبـَسي
أيـْـقَـنْـتُ أنـّكَ نـابـِغَ الحَـسَـناتِ
إنْ كُـنـْتَ في أمْسي تـُطـِلُّ كَـماردٍ
فاليومَ أنْـتَ
مَنارتي وصَـلاتـي
هَـيـهـاتَ تـَحلو لي الحَـياةُ بـِحُـلـْوِها
وأبي بـَعـيدٌ
لا يَرى خَـطـَواتي
وهوَ الـذي قـَدْ عاشَ أولى حَـبـوَتي
وعلى يَدَيْهِ نـَهَضْتُ
مِن عَـثَراتي
وهوَ الذي نـَطـَقَ اللسانُ بـِنـُطـْقِهِ
وسَقا الخَيالَ بـِساحِرِ الكـَلِماتِ
وهو المُعَلـِّمُ قبْـلَ عِـلـْم ِ مَدارسٍ
وَهْوَ
المُرَبـّي غائِرَ البـَصماتِ
وهوَ الذي فتـَحَ القـُلـوبَ بـِصِدْقـِهِ
سـيْـفاً يـُـقَـَوِّمُ ماجـِنَ النــّـزَعاتِ
ما حَـط َّ يـَوْماً للقـَويِّ جَـبـيـنـَهُ
أوْ
كانَ يوْماً بالضّعيفِ بعاتي
من لـَـقــَّنَ الأبـْـناءَ سِـرّ حَـياتــِهـِمْ
قـَبَـساً أنارَ مكامِنَ الظـُّلـُماتِ
صَبـْرٌ
و إنـْصافٌ وحُـسْنُ سَـريـرَةٍ
وبـِهـا تــُمَـهَّـدُ أوْعَـرُ
الطـُّرُقاتِ
هذا أبي... مِـسْـكٌ يـَفـوحُ عَـلى الوَرى
واحَسْرتا ما أسْرَعَ السّـنـَواتِ
هذا أبي... مـَهْـما تـقَـلـّبَتِ الدُّنـا
سأحـِبـُّهُ حـتـّى تـَذوبَ رُفاتي
* * * * *
يونيو
1994
نشرت
في (النورس) في مدريـد في 1 أغسطس 1996