هلا سمعتَ يا أخي حكاية َ القمَــْر؟
إذ فاخَـرَ النجومَ في السَّحـَرْ
إذ ْ قال أنـّهُ يفوقـها جَـمالْ
يـُمـَتــِّع الزّمانَ والبشـرْ
وأنه للحبِّ حِـصْـنَـهُ الحصينْ
يذودُ عـنهُ أيـّما خـَطـَرْ
وإنه للـشـِّعْـر ِ كالقـَلـَمْ
وأنه للـَّحْـن ِ كالـوَتـَرْ
وأنه للنـّهْـر ِ كالخـَريـرْ
رفـيـقـَه الوحـيد في السّـفـَـرْ
وأنـّهُ للضائـِع ِالدّلـيلْ
وأنـّهُ للعـَيْن ِ كالبـَصَرْ
*
وهكذا اسـتـمرَّ بالفـَخارْ
كأنـَّهُ الإلهُ ما انـْـفـَطـَـرْ
فإذ ْ بصوتِ طـفـلـةٍ رقـيـقْ
يـُهَـشـِّـمُ الغـُرورَ والضَّجَـرْ
مُسـبـِّحا لخـالـِق ِ الزّمانْ
والنـَّجـمَ والكواكبَ الأ ُخَرْ
ومن بالبـَحْـر ِ سبـَّبَ السَّحابْ
ومن بالسُّحب أودَعَ المَطـَرْ
ومَنْ بالشـَّمـس ِ سبـَّبَ الضِّـياءْ
ومَنْ للضوءِ سَّـبـَّبَ النـَّظـَرْ
ومَـنْ بالليْـل ِ أتحَـفَ النـّهارْ
ومَـنْ بالـنـور ِ زيـّنَ القـَـمـَرْ
فاهـتـزَ من كلامِـها الهـلالْ
وحـكّ في جـبـيـنـِهِ حُـفـَـرْ
وقال الشمسُ ما لها حَـنانْ
تـُذبـِّــل الورودَ والشـّجَـرْ
فإنها اليـبابُ والجـفـافْ
وإنني الحـياة ُ والسَّـمَـرْ
*
فعاد الصوتُ يعـبـرُ الظـلامْ
يوبـِّخُ الغـُـرورَ إذ فـَجـَـرْ
يقول: " أمي أنظري إلـيْـهْ
فإنـَّهُ بالـسِّـرِّ ما عَـثـَـرْ
وإلا كـَيفَ يشـتـُمُ الشموسْ
وكيـفَ مَـنْ يـُنـيـرَهُ غـَدَرْ
فلولا الشَّـمـسُ ما لهُ جَـمالْ
ولولا نـورُها لـَما ظـَهـَرْ "
فإذ ْ بالأمِّ تـُنـْجـِدُ الفـتـاة ْ
تقول: " ما العجيبُ في الخَـبَـرْ؟!
ألم تري الإلهَ كالشـمـوسْ
ألم تري الإنسانَ كـَمْ وَزَرْ
وكـيـْـفَ كل حُـرْمَةٍ أبـاحْ
وكـيـفَ كـُـلّ ساعةٍ كـَـفـَرْ
يـَوَدُّ لـوْ يـُناطِحَ السّحابْ
ونـَجْـمُ كِـسـرى قـَبـلـَهُ غـَبـَرْ
وللإنسان ِ نِعْـمَة ُ الذكـاءْ
ونورُها اسـتحالَ في القمر".
* * * * *
يونيو 1974