(1974) أنا والبحر المجنون

موقع الأديب سعيد العلمي. منذ 2020/10/2 WEB del escritor Saïd Alami. Desde 2/10/2020 |
ALBUM DE FOTOS | LIBRO DE VISITAS | CONTACTO |
 
 

WWW.ARABEHISPANO.NET المـوقـع الـعـربي الإسـباني


(إسبانيا) موقع الأديب سعيد العلمي

WEB del escritor y poeta Saïd Alami

وجوديات
وجدانيات
القصيدة الوطنية والسياسية
قصص سعيد العلمي
الصوت العربي الإسباني
POESÍA
RELATOS de Saïd Alami
La Voz Árabe-Hispana
Artículos de archivo, de Saïd Alami

 

 

أنا والبحر المجنون

سعيد العلمي

 

غـشاني دمعيَ المَهـدورُ

والبحـرُ يجهَـشُ

موجُـهُ ويثورُ

ويسألُ السُّحـبَ فـوقـَهُ

إن رأتكِ وهي تـطـيرُ

فلا  يُجـيـبُ السّـحابُ

 بلْ لهُ رَعْـدٌ  وثـَمَّ هـديرُ

 فيلعـقُ الـبحـرُ بأمواجـِهِ

 قدَميَّ وهـوَ كـسـيرُ

 متـسوِّلاً عـطـفـي عَـليْهِ

            عـطـفُ الصغـيرِ عـلى الكبيرِ كبيرُ

*

يا بحر ألا تراني

دائماً عـلى شطـك الحبيب أسيرُ

قاضياً معـك ساعاتٍ طوالٍ

مضمِّداً قـلبي

 قـلبيَ المَوْتورُ  

ولكن مهما تمرُّ ساعاتٌ

وأيّامٌ

وينقضينَ شهورُ

هيهاتَ أنساها واسمُها زادي

وذِكراها هواءٌ... نسمةٌ... وعـبيرُ

وبدونِ هذا الزادِ والنّـسماتِ

 أفـْقيَ مُجـدِبٌ وعَـيْـشي عـسيرُ

*

ويلجأ البحرُ للرياحِ

علّ الرياحَ تكونُ أرحمُ قـلـبا

قائلا: يا ريحُ أنـتِ سـفـيرٌ

تجوبينَ الأرضَ شرقاً وغـرْبا

هـلّا رأيـْـتـِها؟... بربِّك قـولي

إنني يا ريح قـد مُزِّقـتُ قـلـبا

فإذا بالرياحِ تؤلـِمُهُ صَـفـعـاً

فـتـُذعَـرُ أمواجُهُ وتهـدُرُ غـَضْـبى

ويرجعُ لي يرتجي عـطـفي

يُـندّي جـبهـتي

ويقـولُ: يا للريحِ مِن طاغـيةٍ

أوجعَـتني القرونَ صَفـْعاً وضَربا

أمّا أنتَ فطيـِّبٌ ورحـيمٌ

فإن أتـيـْتَ بـها

جعـلتَ مِلـْحِيَ عَـذبا

*

يا بحـرُ ألا تراني كلّ يومٍ آتياً

أرقبُ الشمسَ وأبكي المَغـرِبا

وعلى شطـِّـكَ أذرفُ دمْعيَ صامتاً

ولقد كان شطـُّكَ

بالأمسِ لنا مَلعـَـبا؟

كيف أُسعِـفـْكَ

ولستُ أُسْعِـفُ نـفـْسي؟

ليسَ لي إلّاكَ يا بحرُ صَحـْبا

*

فيذهـبُ البحرُ يرجو القـَمَرا

يا سيّدي

يا واهبي المَدَّ والجَـزْرا

ألم يجِـدْ ضِياكَ ضِياها؟

فهي مِثـْلكَ نوراً

وهي مِـثـلُك سِحـرا

ولها  يا بديعُ كمالٌ

ككمالِكَ إن تـكُـنْ بَدرا

ولها لـَحْـظـانِ كيـْفـَما نـَظـَرَتْ

أوقعَـتْ أسـرى

ولها شَعْـرٌ قـد عـشِقـْهُ النسيمُ

إن يبارحـْهُ  ماتَ قـهـرا

لهُ لـوْنٌ كـلوْنِ الليْـلِ

إن أضأتـَهُ بنورِكَ فـَجْـرا

ألستَ للعاشـقـينَ ضياءاً

وصاحباً يَحـفـظ ُ السِّرّا؟

فها أنذا بين يديْـكَ

فهلّا رحمتَ رفيقـكَ البحـرا؟

فـيـَبْسًمُ القمرُ المُهذّبُ قائلاً:

الحبُّ أفجَعَ الأشـياءَ والـبـَشَـرا

إني صديقُ العاشـقـينَ ونورُهـُم

فإذا تفـرّقَ شـمْـلـُهـُمْ

أنارتْ الذِّكـرى

فيعـودُ البحرُ يُندّي جَـبهـتي

ويبرِّد في قـلبيَ الجَـمْـرا

ويقولُ يا هـذا ألستَ بعاشـقٍ

أم صارَ قلبُك بعدها صخـرا؟

ألم تكـتُبا في مياهي

من صفحةِ حُبِّكما سطرا؟

*

فأقولُ : يا بحـرُ

بالله لا تظلـُمَني

فكفاني من وحدتي شَـرّا

ألستُ أغـمُرُ في مياهِـكَ هامَـتي؟

ألستَ تـسمعُـني أحـدِّثـُها سِـرَا؟

أخالها معـنا تـقاسِـمُـنا الهوى

وأكاد ألمَسُها

وألـثـُمُ الـنـّحْـرا

فإذا استـفـقـتُ

وجدتُ حبي ماتَ يا بحـرا

*

ويرنو البحرُ للنجومِ ويشكو

وخائفاً من ردها المحتومْ

يقول: يا نجمُ أنتَ من عُـلاكَ

ترى كل من عـلـيها يهـيمُ

فهلّا تراها؟

هي مثلكَ نجمٌ

وعلى الأرض لا تحيا نجومُ

ثم يسكتُ مُنصِتاً

يرجو جواباً

وكيف يـُجـيـبُه النجـمُ الكَـتـومُ ؟!

فيعـودُ قانـِطـاً يرغي

وقـلبُهُ مهـمـومُ

ومكشِّـراً عـن أمواجِهِ

يصرخُ بي:

أنتَ الذي ضيّعـتـَها

سـمّمْتَ أعـماقـي

فالفـُراقُ سُـمومُ

فـتـتـبَّعْ خـُطاها

واهجُـر النـُّواحَ

واركـبِ الـرياحَ

طوِّع الجِـراحَ

والأتـراحا

حـدِّثِ الطـيورَ

واسأل الزهورَ

وامتطي النسورَ

والدّيـْجـورا

واصعـدِ الجـبالَ

نـقـّـِب الأدغالَ

واسلـُكِ الأوحالَ

والأهوالا

*

فـتضجُّ أعـصابي

وأصرخُ غاضباً:

كفاكَ يا بحـرَ الجنونِ جـنونا

الريحُ تحملُ السحابَ

تجوبُ اليبابَ

تـُسقِـط المطـرْ

ولا تغـيّرُ حـرفـاً واحداً

في صفحةِ الـقـدَرْ

ولو النسورُ اجتمعـتْ

فـلن تعـيدَ للحـياةْ

لعالم الزهـورْ

زهرةً ذوَتْ

ولو خضتُ أهوال العـوالـم كلـِّها

لما بعـثتُ للحياةْ

خـصلةً مِن شعـرِها

*

فإذ بالبحر يهدُرُ في غـضَبْ

ويقولُ: بلْ كـذِبٌ كـذِبْ

فأركُلُ موجَهُ وأخوضُ فيهِ

لأخـنُـقَ صوتـَهُ الفـَـظَّ اللدُنْ

فيا للبحر مِنْ وقِـحٍ سفـيهِ

*

حتى انـتـبَهْـتُ

فوجَـدْتُ نفـسيَ لاهـثاً

والماءُ حولي أكادُ أقضي فـيهِ

والشط ُّ خـلـفي لامِعـاً تحـتَ الـقـمَـرْ

والبحـرُ يـشخـُرُ نائـِماً مِثـلَ الـبـَشـَر

لا شيءَ طـَنـْـطـَنَ في السَّحَـرْ

***

يناير 1974

DEJE AQUÍ SU COMENTARIO    (VER COMENTARIOS)


COMPARTIR EN:

Todos los derechos reservados كافة الحقوق محفوظة - Editor: Saïd Alami محرر الـموقـع: سـعـيـد العـَـلـمي
E-mail: said@saidalami.com