إلى ميغـيل إرنانـديث (1)

سعيد العَلمي

تـِجاهَ السُّـهـولْ

تـِجاهَ الحُـقـولْ

وصَوْبَ الرّبيـع ِ الظـّريفْ

"أوريويلا" تـُعانـِقُ ذاكَ الأفُقْ (2)

وطِـفـْـلٌ نـَحـيفْ

يَـسوقُ الـغـَنـَمْ

صفيرٌ ... نُباحٌ ... ثـُغاءٌ ... نـَغـَمْ

سِنـيـنٌ ثـَمانْ

وقـَلـْبٌ كـَبـيـرْ ...

زُهـورُ ... عبـيـرْ

سَـمـاءْ

صَـفاءٌ عـَمـيــقْ

وطـِفـْـلٌ فـَقـيـرْ

يـَوَدُّ يـَطـيـرْ

لأعْلى الشّجَـرْ

إلى حَـيـْثُ لا يَستـطيعُ البَصَرْ

ميغيل !

بُـنَيّ الحَـبـيبْ

وَرثـْتَ أباكَ لـِخَـيْرٍ وشَـرْ

فإن هُوَ راع ٍ

فأيْنَ المَـفَرْ ؟

"أوريويلا" خَـلـْفَ الجـِبالْ

وميغيلْ خَـلـْفَ الـحَـديـدْ

"أليكانتِيه" عَروسُ تـَنـوحْ (3)

وطِـفـْـلٌ وزَوْجَهْ

يـَعـيـشانِ وَسْط َ الصّـديدْ

ولا مِنْ طـَعام ٍ سِـوى مِنْ بـَصَـلْ (4)

شُـهـورٌ طـوالْ

رياحُ الحَـنـيـنِ تـَهُـزُّ الـجـِبالْ

"نيرودا" وكـُلُّ الرِّفاقْ

رَجاءٌ عـَقـيـمْ

فإنّ العُـواءَ لـِسانُ الذئابْ

ومدْريـدُ أضْـحـَتْ مَـغارَهْ

فـَوَفـِّرْ عِـتابَكَ صارتْ جَـحـيـمْ

حُـروفٌ ... حُروفْ

رَصاصٌ يـُطـَوِّعُ أعْـتى الظـُّروفْ

شَبابـيكُ مـِنـْها يـَطـُلُّ الأمَلْ

وحـَقـْلٌ وسَـهـْلْ

صَـفاءُ السّماءِ العَـمـيـقْ

صَفيرٌ ... نـُباحٌ ... ثـُغاءٌ ... نـَغَمْ

كَـحُـلـْم ٍ لـَذيذْ

وتـَمـضي شُـهـورْ

مُدَحْرَجَـة ً مِنْ أعالي الجـِبالْ

فأينَ الأملْ ؟!

سُـعالٌ ودَمْ

وبـَرْدٌ شَديدْ

شَوارعُ مَدريدَ صُـمٌّ وبُـكـْمْ

شَـبابُ أفـَلْ

ميـغـيلْ !

أيا أبـتاه الحبـيـبْ

لخـيـرٍ وشـَرْ

فإنْ أنـْتَ حُـرٌّ

فأيـْـنَ الـمَـفـَرْ

* * * * *

أغسطس 1974

(1) ميغيل إيرنانديث Miguel Hernández هو من أبرز الشعراء الإسبان في القرن العشرين وكان في صغره راعي غنم. في نهاية الحرب الأهلية الاسبانية اعتقله المنتصرون التابعـون للجنرال فرانكو وزجـوا به في السجن حيث أصيب بمرضي التفوئيد والسل ومات شابا خلف القضبان في 24 مارس 1942. (2) أورويلا بلدة الشاعر إيرنانديث في الشرق الإسباني. (3) أليكانتيه المدينة التي توفي إيرنانديث في سجنـها غير بعيد عن أورويلا.

(4) كتبت إليه زوجته وهو في السجن تقول له أنه ليس لديها وابنهما ما يأكلانه سوى البصل، فكتب الشاعر رائعته المعروفه "تهويدة البصل".